لازال الجدل يتصاعد وسط موجة تنديد واسعة بالطريقة التي صوت بها البرلمان العراقي على ثلاثة قوانين دفعة واحدة ابرزها قانون الاحوال الشخصية وقانون العفو العام وقانون اعادة العقارات للاكراد في كركوك.
التعديلات التي اجريت على قانون الأحوال الشخصية العراقي لعام 1959 ستظل موضوعًا حساسًا وشائكًا في الساحة السياسية والاجتماعية في العراق. وكان من الممكن إجراء العديد من التعديلات التي من شأنها أن تُحسن هذا القانون بما يتماشى مع تطورات المجتمع وتوجهاته الحديثة، ومنها إدخال تعديلات على عقد الزواج من خلال السماح للمأذونين بالتصديق على عقود الزواج مباشرة، وكذلك إجراء تعديلات على قضية حضانة الأطفال، مع احترام خصوصيات المذاهب المختلفة.
هذه التعديلات كان من الممكن أن تكون مدخلاً لتطوير قانون يراعي التعددية الدينية والمذهبية في العراق دون أن يثير الانقسامات الطائفية. في الواقع، العراقيون اعتادوا على تزويج بناتهم وفقًا للمذاهب قبل أن يتم اللجوء إلى المحكمة، مما يجعل القضية ليست بتلك الصعوبة التي يتم تصويرها أحيانًا.
الانقسام الطائفي
لكن ما حدث في البرلمان كان بعيدًا عن المعالجة المتوازنة، إذ تم تمرير التعديلات على قانون الأحوال الشخصية بشكل غير منطقي، مما ساهم في تعميق الانقسام الطائفي في البلاد. فقد تم دمج هذا القانون مع قوانين أخرى مثيرة للجدل، مثل قانون العفو العام، مما جعل تمرير هذه القوانين بمثابة صفقة سياسية، شجع البرلمان على تمريرها رغم معارضة واسعة من قبل بعض النواب.
وكان هناك تخوف كبير من قبل نشطاء المجتمع المدني، وخاصة من الفعاليات النسوية، من أن يساهم هذا القانون في تشجيع زواج القاصرات، وهو أمر لطالما حذرت منه هذه الفعاليات. ما أزعجهم بشكل أكبر هو طريقة تمرير هذا القانون بشكل دراماتيكي، حيث تم دمج قوانين مختلفة معًا للتصويت عليها بشكل موحد، وهو أمر يعد تجاوزًا للمبادئ الديمقراطية.
تسويات سياسية
بالإضافة إلى ذلك، فقد كانت هناك تسويات بين الأحزاب السياسية في البرلمان، حيث قامت الأحزاب الشيعية بدعم قانون العفو العام، مقابل دعمها لتعديل قانون الأحوال الشخصية. هذه التنازلات لم تساهم في إيجاد حلول حقيقية لتحديات المجتمع العراقي، بل أدت إلى تعزيز المحاصصة الطائفية التي يعاني منها العراق.
النائب زهير الفتلاوي عبّر عن استيائه من الطريقة التي تم بها التصويت على هذه القوانين، معتبرًا إياها خرقًا دستوريًا واضحًا. وأشار إلى أن هناك حراكًا نيابيًا واسعًا ضد رئيس البرلمان بسبب هذه الطريقة في التصويت، حيث تم التصويت على القوانين الثلاثة كحزمة واحدة دون إتاحة الفرصة للنواب للتصويت على كل قانون بشكل منفصل، وهو ما يخالف قواعد الدستور والنظام الداخلي للبرلمان.
وقد أدى هذا التصويت إلى موجة من الاحتجاجات والغضب في الأوساط الاجتماعية والسياسية، وأثار تساؤلات حول قدرة البرلمان على إنتاج قوانين تلبي احتياجات المواطنين وتحسن من أوضاعهم. في النهاية، أصبح من الواضح أن البرلمان العراقي لا يزال أسيرًا للمحاصصة الطائفية ويعجز عن اتخاذ قرارات حاسمة تؤدي إلى تحسين الواقع العراقي. ريام محمد علي