تشهد الساحة الاوربية تحركات واسعة لتمهد الارضية التي ستتحرك عليها مبادرة الرئيس الامركي المنتخب دولاند ترامب ، حيث تبحث أوكرانيا عن مقاربة تنهي هذا النزاع وتخرج الطرفين من دون خسائر فادحة، خاصة في ظل فشل المبادرات السابقة في تحقيق نتائج ملموسة. مع وصول دونالد ترامب إلى الساحة السياسية مجددًا، بدأت التكهنات تتزايد حول إمكانية أن يسعى الرئيس الأمريكي السابق إلى إنهاء الحرب عبر حل يراعي الأمن الروسي والواقع الجديد الذي فرضته روسيا بضم الأقاليم الأربعة في الشرق الأوكراني.
حسم الحرب
على مدار السنوات الثلاث الماضية، فشلت روسيا في حسم الحرب لصالحها بشكل قاطع، بينما يواجه الجيش الأوكراني صعوبات كبيرة رغم الدعم الهائل الذي تلقته من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. وبات من الواضح أن أوكرانيا، رغم هذا الدعم الكبير، من المستحيل أن تكسب الحرب بالنهاية العسكرية. على الرغم من فرض عقوبات اقتصادية قاسية على روسيا من قبل الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي، إلا أن هذه العقوبات لم تساهم في تغيير مسار الحرب بشكل ملموس، بل على العكس، كان لها تأثيرات سلبية كبيرة على الاقتصاد الأوروبي، بينما تمكنت روسيا من التكيف مع تلك العقوبات، بل وأصبحت أكثر تصميماً على مواصلة الحرب.
العقوبات الاقتصادية
السؤال المطروح اليوم هو: هل هناك وسيلة لحسم المعركة لصالح أوكرانيا؟ أم أن الضغوط الاقتصادية والسياسية قد تدفع بوتين إلى القبول بنهاية للحرب كما يرغب الأوروبيون؟ من الواضح أن الحرب لم تكن في الأصل نزاعًا بين دولتين فقط، بل كانت أيضًا حربًا بالوكالة بين حلف الناتو وروسيا، وهو ما يجعل أي حل يرضي الجميع أمرًا بالغ التعقيد. ومع أن أوكرانيا قد خسرَت الكثير من الأرواح والموارد، وواجهت تدميرًا هائلًا في بنيتها التحتية – الذي قدّر بأكثر من 120 مليار دولار – فإن استمرار الحرب لن يضر روسيا فقط، بل يهدد بشكل أكبر استقرار أوكرانيا وأوروبا.
ومن هنا، يبدو أن أوروبا وأوكرانيا باتتا مدركتين تمامًا أن استمرار الحرب بهذا الشكل لن يعود عليهما بفوائد استراتيجية طويلة الأمد، بل سيؤدي إلى المزيد من الاستنزاف. بينما يراهن البعض على أن الاقتصاد الروسي سيتأثر بشكل أكبر مع مرور الوقت، فإن الحقيقة التي لا يمكن تجاهلها هي أن روسيا قد نجحت في تكيف قطاعاتها الحيوية مع العقوبات الغربية، مما يقلل من فاعليتها في إحداث تحولات جوهرية في الميدان الاقتصادي.
فكرة واقعية
من جهة أخرى، يبدو أن ترامب، في حال قرر التوسط لإيجاد حل، سيدخل إلى الساحة السياسية وهو يحمل في جعبته فكرة إنهاء الحرب على أساس الواقع الجديد الذي فرضته روسيا، الذي يشمل ضمها للأقاليم الأربعة، مع ضمانات أمنية للطرفين، خاصة لروسيا. ومع إدراك الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا بأن لا نهاية قريبة من دون التعامل مع هذه الواقعية، فإنهم قد يجدون في مبادرة ترامب فرصة للبحث عن حل يحفظ ماء الوجه لجميع الأطراف. وفي النهاية، إن أي حل محتمل لإنهاء الحرب يحتاج إلى ضمانات أمنية قوية من جميع الأطراف، خاصة روسيا. بينما يبقى السؤال مفتوحًا حول ما إذا كانت هذه الضمانات ستنجح في إقناع بوتين بالتنازل عن بعض مواقفه، أم أن الحرب ستستمر في شكلها الحالي، ما يعمق الخسائر ويزيد من تعقيد الأوضاع السياسية والاقتصادية في المنطقة.