تُعد فرقة العصائب الحمراء إحدى أبرز القوى التي لعبت دوراً محورياً في الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد. وتشكل هذه الفرقة رأس الحربة في العملية العسكرية التي قادتها هيئة تحرير الشام في إطار المعركة المستمرة ضد النظام السوري.
وتضم “العصائب الحمراء “مقاتلين جهاديين مميزين بعصابة حمراء يرتدونها على رؤوسهم، تميزهم عن باقي الفصائل، وهم في الغالب مقاتلون انتحاريون، ما يجعلهم قوة ضاربة يُعتمد عليها في المعارك الحاسمة.
الجهادية والشرسة
تشتهر العصائب الحمراء بشراستها في القتال وتقديمها تضحيات كبيرة خلال المواجهات مع الجيش السوري. يتسم مقاتلو هذه الفرقة بقدرتهم على شن هجمات عنيفة، وقد خاضوا العديد من المعارك الهامة في مدن سوريا مثل حلب وحمص، حيث كانت لهم اليد الطولى في تحرير مناطق كانت تعتبر من المعاقل الرئيسية لنظام الأسد. ومع تقدم المعارك، شكلت العصائب الحمراء طليعة القوات التي اقتحمت المدن السورية، بما في ذلك مدينة حلب، حيث انسحب الجيش السوري سريعاً أمام هجومهم
وقد استمروا في تحقيق انتصارات تكتيكية وميدانية، حيث خاضوا معركة شرسة في حمص، وتمكنوا من اجتياح المدينة بعد انسحاب سريع للقوات السورية. هذه النجاحات العسكرية كانت تمهد الطريق أمامهم ليصبحوا جزءاً أساسياً من الجيش السوري الجديد، الذي كان يعكف على تشكيله في ظل تغيرات ميدانية هائلة.
القتال تحت راية “المهاجرين”
تُعرف العصائب الحمراء بكونها تضم نسبة كبيرة من المقاتلين الأجانب، الذين يُطلق عليهم مصطلح “المهاجرين”. يعتقد أن هذه الفرقة تحتوي على نحو 3000 مقاتل أجنبي، ينحدرون من مناطق مختلفة حول العالم، بما في ذلك الإيغور والشيشان والطاجيك، إضافة إلى آخرين من البلقان وآسيا الوسطى. في وقت لاحق، تمت إعادة هيكلة هذه المجموعات ودمجها تحت مظلة واحدة بقيادة أبو محمد الجولاني، قائد هيئة تحرير الشام، بعد أن أقنعهم بتغيير أسماء فصائلهم ودمجها مع المقاتلين السوريين بهدف تركيز الجهود على إسقاط نظام الأسد فقط وإقامة دولة تعتمد على الشريعة الإسلامية في دمشق.
مكانة المقاتلين الأجانب
منحت قيادة هيئة تحرير الشام، ممثلة في أحمد الشرع، رتبا عسكرية للمقاتلين الأجانب، حيث تولوا مهام محورية في العمليات العسكرية على الأرض. من بين أبرز هؤلاء المقاتلين الذين حصلوا على رتب عسكرية كانت هناك شخصيات بارزة مثل:
عبدل بشاري (ألباني الجنسية)، قائد جماعة الألبان.
عمر محمد جفتشي (تركي الجنسية)، قائد ميداني بارز.
علاء محمد عبد الباقي (مصر)، أحد القادة العسكريين المعروفين.
عبد العزيز داوود خدابردي (إيغوري الجنسية).
مولان ترسون عبد الصمد (طاجيكي الجنسية)، أحد كبار القادة في صفوف العصائب.
عبد الرحمن حسين الخطيب (أردني الجنسية)، الذي حصل على رتبة عميد في الجيش الجديد.
“ذو القرنين” زنور البصر عبد الحميد الملقب بـ عبد الله الداغستاني، قائد “جيش المهاجرين والأنصار”.
نواة بناء الجيش السوري الجديد
مع سقوط نظام الأسد وتغير موازين القوى في سوريا، أصبح المقاتلون الأجانب، لا سيما العصائب الحمراء، جزءاً لا يتجزأ من منظومة الجيش السوري الجديد. وقد تولى هؤلاء المقاتلون مهام أمنية حيوية، بما في ذلك حماية القادة العسكريين والسياسيين مثل أحمد الشرع. من خلال هيكلة جديدة، تم تحويل العصائب الحمراء إلى قوة استراتيجية تسهم في ضمان الأمن في المناطق التي تم تحريرها، وبات العديد من مقاتليها يمتلكون تأثيرًا كبيرًا في سير العمليات العسكرية.
الاهتمام بالجوانب الجهادية
تشير المعطيات على الارض ان الشرع لن يفرط بهم و أن العصائب الحمراء لا تقتصر مهمتها على إسقاط النظام السوري فحسب، بل إنها تمثل نموذجًا يحتذى به في محاولة “استنساخ” تجربة الجولاني في بعض الدول الأخرى. هؤلاء المقاتلون، الذين لا يرغب العديد منهم في مغادرة سوريا، يتطلعون إلى تحقيق أهداف جهادية عالمية، حيث يعتقد بعضهم أنهم قادرون على تنفيذ عمليات مماثلة في بلدانهم الأصلية للإطاحة بالأنظمة القائمة وتأسيس دول إسلامية قائمة على الشريعة.
محور نجاحات عسكري
كانت العصائب الحمراء وستظل جزءاً أساسياً من التحولات العسكرية والسياسية التي شهدتها سوريا بعد سقوط نظام الأسد. وبفضل تضحياتهم وشراستهم في المعارك، أسهموا في فتح العديد من الجبهات التي مهدت الطريق لسقوط النظام في دمشق. واليوم،يبقى دور هؤلاء المقاتلين الأجانب محورًا رئيسيًا في تشكيل ملامح المستقبل السوري، سواء من خلال استمرار تواجدهم على الأرض أو من خلال تأثيرهم في بناء جيش جديد يحاول فرض سيطرته في ظل توازن القوى المعقد.