مرَّ العراق منذ عقدين بصراع وجودي للحفاظ على دولته وشعبه ووحدته، وسط تحديات تهدد كيانه الأمني والسياسي. وعلى الرغم من الجهود الوطنية المبذولة من قبل رجال الدولة في تقديم المشورة وإطلاق المشاريع الاستراتيجية، إلا أن التحديات لا تزال قائمة. فقد نجحت بعض هذه المشاريع في تعزيز الأمن الداخلي وتحقيق النصر في مستوياته التعبوية والعملياتية والعسكرية، إلا أن الدولة لا تزال تواجه تهديدات خطيرة على أمنها القومي، داخليًا وإقليميًا ودوليًا..
التحديات الأمنية والسياسية
يواجه العراق تهديدات مستمرة تتمثل في التدخلات العسكرية الأجنبية، مثل الوجود العسكري التركي في شمال البلاد، واستغلال الفصائل المعارضة لبعض دول الجوار للفراغ الأمني والعسكري على الحدود مع تركيا وإيران. كما تتعرض سيادة العراق لانتهاكات متكررة عبر الطيران الإسرائيلي والتركي، مما يستدعي تبني استراتيجيات دفاعية فعالة.
مع تعاظم قدرات الجيش العراقي وخطط للاعتماد على قدراته الذاتية في منطقة تواجه تحديات امنية وسياسية كان لابد من تبني مشروع ونظام الجاهزية العسكرية، والذي يضمن قدرة العراق على الدفاع عن أمنه القومي من خلال استراتيجيات دفاعية وهجومية متقدمة عند الضرورة. تتمثل بفعالية الأسلحة والجاهزية في اعتماد العراق على أساليب متقدمة لضمان جاهزية القوات المسلحة، على غرار ما تقوم به دول متقدمة كحلف الناتو والولايات المتحدة، والتي تعتمد على توفير كوادر مؤهلة ومدربة.وتحديث الأسلحة والتجهيزات اضافة الى تطوير المناهج والبنية التحتية العسكرية، وتجهيز مسرح العمليات الحربية.
قوة عسكرية متماسكة
يعد إنشاء هيئة الجاهزية وربطها برئاسة أركان الجيش بعد استكمال متطلباتها في المفتشية العسكرية العامة خطوة استراتيجية لتعزيز كفاءة الجيش. ويجب أن تضم هذه الهيئة ضباطًا من ذوي الخبرة والكفاءة، مع العمل على تطويرها علميًا وعمليًا، عبر تبني الأنظمة الإلكترونية الحديثة وإعداد تقارير دورية يتم عرضها على القائد العام للقوات المسلحة ومجلس الأمن القومي لاتخاذ القرارات المناسبة بشأن التعامل مع التهديدات الحالية والمحتملة.

صنع القرار العسكري
تعتمد تقارير الجاهزية على أسلوب علمي إحصائي دقيق، حيث تساهم تقارير المفتشية العسكرية العامة في تقديم معلومات حقيقية حول الاستعداد القتالي والأداء العام للوحدات والضباط، مما يساعد في اتخاذ قرارات مدروسة فيما يخص تسليح وتجهيز الجيش. كما يجب أن تكون هذه القرارات مبنية على معايير واضحة، وليس كردود أفعال عاطفية أو استجابة لضغوط سياسية.
الدول المجاورة
من الضروري دراسة القدرات العسكرية للدول المجاورة، بما في ذلك إسرائيل وبعض الدول التي شهدت ارتفاعًا ملحوظًا في جاهزيتها العسكرية، مما قد يشكل تهديدًا مستقبليًا للأمن القومي العراقي. إن تخصيص الموارد المالية للتسليح والتجهيز يجب أن يتم بطريقة مدروسة تعتمد على الاحتياجات الفعلية، وليس بناءً على قرارات مرتجلة.
يحتاج العراق إلى تعزيز قدراته الدفاعية من خلال تطوير منظومة الجاهزية العسكرية، والتي تشكل حجر الأساس في حماية الأمن القومي. كما أن تبني تقنيات متطورة، وتدريب الكوادر بشكل مستمر، ووضع خطط استراتيجية مستدامة، سيساهم في بناء جيش قوي قادر على مواجهة التحديات الداخلية والخارجية بكفاءة وفعالية.
الفريق الركن الدكتور
عماد ياسين الزهيري