الكوت – مراسلنا
خيّم الحزن على الشارع العراقي بعد الفاجعة التي شهدتها محافظة واسط، حيث تسبب حريق هائل اندلع في مبنى تجاري وسط مدينة الكوت، بمصرع وإصابة العشرات، بينهم نساء وأطفال، فيما لا تزال فرق الإنقاذ تواصل جهودها بحثاً عن مفقودين تحت أنقاض المبنى المنكوب.
الحريق اندلع بعد منتصف ليل الأربعاء في مجمع “الهايبرماركت”، وهو مركز تسوق ضخم يتألف من خمسة طوابق، ويقع في منطقة مكتظة وسط مدينة الكوت. ووفق مصادر أمنية ومحلية، استمر الحريق لساعات، وسط صعوبات كبيرة واجهتها فرق الدفاع المدني في السيطرة على النيران وإنقاذ العالقين.
وفي أحدث حصيلة صادرة عن مصادر في الطب العدلي والدفاع المدني ومركز شرطة الكوت، ارتفع عدد ضحايا الحريق إلى 77 شهيدًا، بينهم ثلاث أسر قضت بالكامل، إضافة إلى 40 مصابًا، بينهم تسعة في حالة حرجة.
وقال شهود عيان إن السنة اللهب امتدت بسرعة هائلة إلى جميع طوابق المبنى، ما صعّب على المتسوقين والعاملين الهروب من ألسنة النار والدخان، خصوصًا مع وجود خلل واضح في أنظمة الإنذار والإطفاء.
من جانبه، عبّر مكتب المرجع الديني الأعلى، سماحة السيد علي السيستاني، عن بالغ الحزن والأسى حيال الفاجعة، مؤكداً في بيان تلقته وكالة الأنباء العراقية (واع)، “تقديم التعازي والمواساة للمفجوعين بفقد أعزتهم، والدعاء للشهداء بالرحمة وللمصابين بالشفاء العاجل”.
وفي السياق ذاته، أصدر رئيس الوزراء محمد شياع السوداني توجيهات عاجلة تقضي بتوجه وزير الداخلية إلى موقع الحادث والإشراف على التحقيق الفوري في أسبابه، مطالبًا بإجراء تحقيق فني دقيق لكشف أوجه القصور، واتخاذ إجراءات صارمة لمنع تكرار مثل هذه الحوادث.
كما أمر بإرسال فرق طبية متخصصة إلى واسط لدعم المستشفيات المحلية في إسعاف المصابين، معرباً عن تضامنه العميق مع أهالي الضحايا، وتقديم التعازي لعوائل الشهداء.
من جانبه، أعلن وزير الداخلية عبد الأمير الشمري، تشكيل لجنة عليا للوقوف على الأسباب الحقيقية وراء الحادث، مؤكداً أن وزارته “لن تتهاون في محاسبة أي جهة يثبت تقصيرها أو تورطها في هذه الفاجعة”.
محافظ واسط محمد جميل المياحي، أشار في تصريح صحفي إلى أن الجهات المعنية باشرت تحقيقاً شفافاً في ملابسات الحريق، وأن نتائج التحقيق الأولي ستُعلن في غضون 48 ساعة. وأضاف أن السلطات المحلية باشرت بتحريك دعاوى قضائية ضد مالك المجمع التجاري، على خلفية المخالفات المحتملة.
وكان ديوان المحافظة قد أفاد في بيان بأن “فرق الدفاع المدني تمكّنت من الوصول إلى مواطنين عالقين في الطابق الأعلى من المبنى”، لكنّ العديد منهم فارق الحياة قبل وصول فرق الإنقاذ، بسبب كثافة الدخان وارتفاع درجات الحرارة.
وأعرب عدد من المسؤولين والسياسيين العراقيين عن تضامنهم مع أسر الضحايا، مطالبين الحكومة بالإسراع في كشف الحقائق ومحاسبة المتسببين، وبتشديد الرقابة على إجراءات السلامة العامة في الأماكن العامة والتجارية.
وتعيد هذه الحادثة إلى الأذهان سلسلة من الكوارث التي شهدها العراق خلال السنوات الماضية، نتيجة ضعف إجراءات السلامة والإهمال في تطبيق الأنظمة، ما يطرح تساؤلات جدية حول جدوى الإجراءات الوقائية وفعالية الرقابة الرسمية على المباني التجارية والسكنية.
