في مفاجأة غير متوقعة، حصلت السعودية على شرف تنظيم كأس العالم 2034، وهو الأمر الذي لم يكن يتوقعه الكثيرون بسبب التحديات الكبيرة المرتبطة بحقوق الإنسان. يشكل هذا التقييم المرتفع للملف السعودي (4.2 من 5) مفاجأة خاصة أنه تجاوز ملفات مثل الولايات المتحدة وكندا والمكسيك لاستضافة كأس العالم 2026 (تقييم 4.0)، وكذلك البرازيل لاستضافة كأس العالم للسيدات 2027.
في وقت سابق، كانت هناك تكهنات حول وجود منافسة حقيقية من الاتحادين الأسترالي والإندونيسي، إلا أن المفاجأة جاءت بانسحاب أستراليا من السباق. جيمس جونسون، رئيس الاتحاد الأسترالي لكرة القدم، أشار إلى أن قرار بلاده بالانسحاب كان ناتجاً عن ضعف الفرص مقارنة بقوة العرض السعودي، الذي يمتلك موارد ضخمة وحكماً يستثمر بشكل كبير في كرة القدم.
رؤية محمد بن سلمان
يعود الفضل في هذا التقدم الكبير للسعودية إلى “رؤية المملكة 2030” التي أطلقها ولي العهد محمد بن سلمان في 2016، والتي ركزت على تعزيز الرياضة كأداة لتطوير البلاد على الصعيدين المحلي والدولي. ويعد نجاح قطر في تنظيم كأس العالم 2022 دافعاً رئيسياً للسعودية لمواصلة التقدم في هذا المجال.
في السنوات الأخيرة، أصبح المجال الرياضي جزءاً أساسياً من السياسة الخارجية السعودية. استضافت المملكة عدة أحداث رياضية بارزة، مثل سباقات الفورمولا 1 وسباقات “رالي داكار”، وهو ما جعلها تضيف إلى قوتها في المجال الرياضي وتعزز قدرتها على استضافة بطولات دولية كبيرة.
بنية تحتية والتزام حكومي
الملف السعودي لتنظيم كأس العالم 2034 يقدم بنية تحتية حديثة تشمل ملاعب جديدة وقيد الإنشاء مثل ملعب الملك سلمان الدولي. هذه الملاعب تعد نموذجاً للابتكار المعماري، وهي تهدف إلى تقديم تجربة استثنائية للمشجعين والفرق.
نقطة الجدل
إلا أن حصول السعودية على حق استضافة البطولة أثار جدلاً واسعاً بشأن حقوق الإنسان. العديد من المنظمات الحقوقية، مثل “رابطة مشجعي كرة القدم”، وصفوا القرار بـ “اليوم المظلم لحقوق الإنسان”، معتبرين أن الفيفا تجاهل العديد من المعايير المتعلقة بحرية التعبير وحقوق المرأة. رغم ذلك، يصر رئيس الفيفا جياني إنفانتينو على أن عملية تقديم العطاءات تمت بشكل “موضوعي” و”شفاف”، مشيراً إلى أن الفيفا يعتمد على التقدم في ملف حقوق الإنسان في المملكة بشكل تدريجي.
منذ عام 2021، بدأت السعودية في توسيع نفوذها في عالم كرة القدم، عبر توقيع مذكرات تفاهم مع اتحادات رياضية وشراء حصص في أندية أوروبية. ويعد استقطاب النجوم مثل كريستيانو رونالدو وكريم بنزيمة جزءاً من استراتيجية المملكة لجعل الدوري السعودي وجهة جاذبة لأفضل اللاعبين في العالم.
التحركات الدبلوماسية السعودية في مختلف المجالات الرياضية وتوسع نفوذها عبر الصفقات التجارية جعل الفيفا يتجاهل في بعض الأحيان الانتقادات المتعلقة بحقوق الإنسان. بعض التقارير تشير إلى أن الفيفا بحاجة إلى الحليف السعودي نظراً لثروتها الكبيرة وقدرتها على دعم مشاريعها المستقبلية، مثل كأس العالم للأندية الموسعة.
نهاية المطاف
في النهاية، يبدو أن القرار بمنح السعودية حق استضافة كأس العالم 2034 هو تتويج لسنوات من التخطيط الاستراتيجي والاستثمارات الضخمة في الرياضة. لكن يظل السؤال قائماً حول ما إذا كانت الفيفا قد تخلت عن معايير حقوق الإنسان في سبيل مصالحها التجارية والسياسية.
على الرغم من المكاسب السعودية في مجال الرياضة واستضافة كأس العالم، تبقى القضايا الإنسانية وحقوق الإنسان قضية حاسمة. أما فيما يتعلق بالصراع بين إسرائيل وحماس، فإن الوضع يبقى معقدًا وغير قابل للحل بشكل نهائي في المستقبل القريب.
حمزة الرفاعي