إن أي محاولة لإضفاء الشرعية على وصول إرهابي إلى الحكم، حتى لو استبدل شعاراته، تشكل خطرًا وجوديًا على استقرار الدول. فقبول مثل هذا النموذج يعني فتح الباب أمام جميع الجماعات المتطرفة للطمع في السلطة، مما يقود في النهاية إلى سيطرة الإرهابيين على المجتمعات تحت غطاء زائف.
لا يوجد زعيم عربي يمكن أن يرتكب خطأً فادحًا بدعم نموذج مثل أبو محمد الجولاني، قائد هيئة تحرير الشام. لأن ذلك يعني ببساطة تشجيع كل إرهابي على التمرد ضد دولته وجيشها وأمنها، ليصبح في نهاية المطاف زعيمًا شرعيًا بدلاً من أن يكون ملاحقًا ومحاصرًا. هذه القاعدة يجب أن تكون واضحة لكل زعيم عربي، فهي تشبه الجرس الذي يدق محذرًا من كارثة محتملة.
تراجع الدعم العربي
المملكة العربية السعودية أدركت خطورة دعم هذا النموذج، وتراجعت عن أي رهان على جماعات متطرفة تتخفى بشعارات المعارضة السياسية. الأردن أيضًا سيتخذ موقفًا حاسمًا برفض أي نموذج مشابه، لأن تداعياته لن تقتصر على سوريا وحدها، بل ستطال المنطقة بأسرها.
إن كل مقاتل في صفوف الجولاني اليوم، سواء كان مصريًا أو أردنيًا أو من دول المغرب العربي، يخطط ليصبح “الجولاني الجديد” في بلده، مما يخلق تهديدًا حقيقيًا لاستقرار هذه الدول. لذلك، فإن دعم نموذج الجولاني لا يمثل خطرًا على سوريا فقط، بل يشكل تهديدًا مباشرًا لدول الخليج، والأردن، ومصر، والمغرب العربي.
زعامة وطنية
ما تحتاجه سوريا اليوم ليس تابعًا لتركيا أو إيران، بل زعيمًا سوريًا وطنيًا منتخبًا يكون جزءًا من المنظومة العربية، وليس أداة لمشاريع إقليمية تهدد الأمن القومي العربي. من هنا، يجب أن تنظم المعارضة السورية صفوفها، وتعقد مؤتمرًا موحدًا، ينتج عنه قيادة سياسية قادرة على تقديم بديل حقيقي، بعيدًا عن الجماعات المتطرفة، وقريبًا من مصالح السوريين والعرب على حد سواء.