على مر السنوات، لم تخف إسرائيل رغبتها ب “اجتثاث” حماس، ووضعت لاجل هذا الهدف استراتيجية عسكرية تهدف إلى تدمير البنية العسكرية والسياسية للحركة بشكل كامل. يمكن فهم هذا في سياق العمليات العسكرية الإسرائيلية المتتالية ضد حماس، مثل “الجرف الصامد” في 2014، و”حارس الأسوار” في 2021، وحتى الحرب التي شنتها بعد السابع من تشرين الاول عام 2023 والتي رضخت فيها بعد اكثر من 400 يوم من الحرب لاتفاق مع حماس بعد مفاوضات شاقة جرت في العاصمة القطرية الدوحة، انتهت باعلان الناطق باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري على منصة إكس دخول اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الأحد 19 يناير / كانون الثاني. وتمتد المرحلة الأولى من الاتفاق على ستة أسابيع تفرج فيها حركة حماس عن 33 رهينة إسرائيلية محتجزين في قطاع غزة منذ 7 تشرين الأول/ 2023، بينما ستفرج إسرائيل عن 737 معتقلا فلسطينيا.
فشل الاهداف
لكن حتى الآن، ورغم التهديدات الإسرائيلية المتكررة، لم تتمكن إسرائيل من القضاء على حماس بشكل كامل، والسبب في ذلك يعود إلى عدة عوامل:
اهمها التكتيك العسكري لحماس التي تعمل في بيئة معقدة (قطاع غزة) حيث من الصعب جداً تنفيذ عمليات اجتثاث كاملة بسبب الكثافة السكانية، الأنفاق، والصواريخ التي تخزنها الحركة.
حماس ايضا تحظى بدعم من فصائل أخرى في المنطقة ومن بعض الحكومات الإقليمية، مما يجعل من القضاء عليها هدفاً معقداً من الناحية السياسية والعسكرية.
وهناك مستوى عالٍ من التأييد الشعبي لحماس في غزة والضفة الغربية، مما يمنحها قدرة على الصمود، حتى في ظل الحصار والهجمات العسكرية الإسرائيلية.
قدرة حماس
من الجانب الإسرائيلي، تعتبر حماس رأس الرمح في مواجهة اسرائيل سواء في مجال الأمن العسكري أو الدبلوماسي. ولذلك فأن إسرائيل تركز على تقويض قدرة حماس على تنفيذ الهجمات على أراضيها، لكنها تعلم أن اجتثاث الحركة بشكل كامل قد يكون صعباً من الناحية العملية.
من الواضح أن الحرب الاخيرة عملت فيها اسرائيل على الحاق الاذى بحماس وحاضنتها الشعبية غزة ، ووضعت اهدافا لاجتثاث حماسواخضاع غزة باستخدام مفرط ضد المدنيين والمقاتلين على السواء، والحاق تدمير هائل على جميع المستويات ولاسيما المعنوية عبر تحويل غزة الى مدينة مدمرة لا تصلح الى الحياة.
عملت اسرائيل على الحاق الاذى بحماس وحاضنتها الشعبية غزة ، ووضعت اهدافا لاجتثاث حماس، والحاق تدمير يحول غزة الى مدينة مدمرة لا تصلح الى الحياة.
وهذا التدمير الهائل كان يهدف إلى التخلص من حماس أو تقليص قدراتها العسكرية إلى أدنى حد ممكن. بينما ترى حماس أن قوتها في غزة لن تنه لانها ترتبط ي “مقاومة شرعية” في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، ومن هنا نفهم نظرة قادة حماس الى وقف النار بانه نتيجة لانتصارها. لكن من الناحية العسكرية والسياسية، لم تزد إسرائيل على المدى الطويل في فرض “الاجتثاث” الكامل لحماس، وفي الوقت نفسه لا تستطيع حماس القضاء على الاحتلال الإسرائيلي بالقوة العسكرية فقط
بذلك، يبقى الأمر دائراً في حلقة مفرغة من التصعيد والتهدئة، والتي تتغير ديناميكياتها بناءً على الظروف المحلية والإقليمية والدولية المتغيرة، لكن حماس ستعيد تضميد جراحها لتبحث عن اساليب جديدة لمواجهة الاحتلال الاسرائيلي..